السنة الكبيسة : التقويمات المتعددة في الحضارات القديمة - كيمياء المعرفة

اخر الأخبار

اعلان

اعلان

7/17/2017

السنة الكبيسة : التقويمات المتعددة في الحضارات القديمة

الساعات الفلكية وحساب السنة الكبيسة

طبعا من المعلوم أن السنة عدد أيامها 365، لكن الأرض تستغرق دورتها حول الشمس بزيادة ربع يوم كل عام، من هنا تقرر جمع هذه الأرباع وإضافتها للسنة الرابعة كي يتناسب التقويم فلكيا.

تتم إضافة هذا اليوم كل أربع أعوام علي شهر فبراير ليُصبح 29 يوم، لذلك مواليد 29 فبراير يحتفلون بأعياد ميلادهم مرة كل أربع أعوام، ويبدو فريدا هذا الأمر خاصة للمتزوجين!.

لكن يجب أن نضع في الاعتبار أن ست ساعات كل عام ليست بالأمر البسيط، لذا السنة الكبيسة هي الحل وإلا تأخر التقويم 25 يوم كل مائة عام مما يعني أن شهر يوليو سيكون في منتصف موسم الشتاء.

يرجع تسمية السنة بالكبيسة الى الإمبراطور يوليوس قيصر بمطالبة العلماء في عصره بإعداد تقويم يكون أفضل من الذي تتبعه الإمبراطورية الرومانية، ليتسنى لهم الحياة بشكل أفضل، والعمل بتقويم متناسق.

تم وضع اليوم الإضافي أول مرة في العام السادس والأربعين قبل الميلاد من قبل يوليوس قيصر.

جدير بالذكر أنه في عام1582م، أتُخذ قرار بأن الأعوام التي تنتهي بصفرين لا تعتبر أعوام كبيسة إلا في حال كانت تقبل القسمة على العدد 400، لذلك هناك أعوام كبيسة لا يتم رصدها في كل قرن.

لماذا سميت السنة الكبيسة بهذا الاسم؟

بحسب المعجم العربي لسان العرب، تأتي من الكبس أو الطم، تقول كبست البئر أي طمرته بالتراب، وكل طم هو زيادة عن أي شيء لذلك تكون السنة الكبيسة هي الزائدة عن غيرها، كما تعرف بعض المعاجم الأخرى بأنها السنة التي يسترق لها يوم، أي يتم سرقته.

كيف تم تحديدها؟، البدايات

في عام 1582م أخبر فلكيو الفاتيكان، القس غريغوريس الثالث عشر أنه هناك فرق عشرة أيام بين الاستطلاعات الفلكية والتاريخ الميلادي.

وصدر أمر عن بابا الفاتيكان أوصى بحذف 10 أيام ما بين الخامس والرابع عشر من اكتوبر1582، وتغيير قاعدة تحديد السنة الكبيسة حيث تستثنى السنوات ذات الرقم الذي يقبل القسمة على 4، لذا كل سنة تقبل القسمة على 4 هي كبيسة كسنة 4 و8 و12، لكن كل مائة عام نتخطى سنة مثل 100، 200، إلا إذا كانت السنة تقبل القسمة على 400، كعام 800 مثلا فهي سنة كبيسة.

وكان عام 2016 هو آخر سنة كبيسة ويليه عام 2020 القادم سنة كبيسة فلنحاول أن نفعل شيئا مختلفا في يوم التاسع والعشرين من فبراير فيه.

السنة الكبيسة في الحضارات المختلفة

متى بدأ التقويم؟

لا تخلو حضارة من التقويم، كما أم معظم الحضارات تحدثت عن السنة الكبيسة، فعلم الفلك قديم بقدم البشرية، صحيح أنه كان خليطا من السحر على العلم، لكن هناك حضارات بلغت العظمة والدقة في علم الفلك وبالطبع في التقويم.

في البداية علينا أن نعلم أن التقويم الميلادي هو في الأصل روماني، لكن استخدم التقويم الميلادي نفس الأسماء لأن الدعوة المسيحية جاءت في وقت كانت الإمبراطورية الرومانية هي القوة الاولى في العالم، بل هناك أبحاث تؤكد أن السيد المسيح كانت اللغة الرومانية هي لغته الأم، بل والانجيل الاول كتب بها.

تم ابتكار التقويم الميلادي على يد راهب روماني يدعى ديونيسيوس اكسيجونوس في منتصف القرن السادس، أخذ ينادي بتبديل التقويم حتى نجح في دعوته فبدأ العالم المسيحي منذ عام 532م باستخدام التقويم الميلادي.

هل علم المصريون القدماء بوجودها ؟

يعود التقويم المصري القديم الى عام 4241 ق.م، كانوا يستخدمون السنة الشمسية ويقسمونها الى اثنى عشر شهرا، قيمة كل شهر ثلاثون يوم وفي الشهر الأخير يضيفون خمسة أيام يسمونها اللواحق.

كان العام مقسم الى ثلاثة فصول متساوية، واتخذوا من الاعتدال الخريفي بداية للسنة لأنه مخصص للعمل والزرع.

مما يدعو للعجب أنه لم توجد حادثة يؤرخ فيها المصريون القدماء للزيادة السنوية الممثلة في ربع يوم، لذا السنة الكبيسة لم توجد بمعناها المعروف الآن.

التقويم العبري: هناك الكثير من الغرابة

تأثر اليهود في تحديد بداية سنتهم بالتقويم المصري وبحضارة الرافدين وبلاد الشام، ومما يدعو للغرابة أن السنة العبرية غير محددة الأيام فهي تتراوح بين 353 و354 و383 و384 و385 يوما، وفي الحلات الثلاث الأخيرة يضيفون شهرا كاملا الى سنتهم يسمونه آذار الثاني.

لا تتوقف الغرابة هنا فالشهور في السنة العبرية قمرية، والسنة نفسها شمسية، تبدأ بشهر تشري، ويحرم العمل في أول يوم منه، فهو عيد.

بالإضافة هناك سنة تسمى السنة الدينية تبدأ في شهر نيسان، الذي غيروا اسمه الى أبيب.
لذلك السنة الكبيسة تم تعويضها بإضافة شهر كل عام، كما ان التقويم العبري هو تقويم ديني في الأساس حيث يبدأ كما يزعمون عام 3760 ق.م وهي سنة الخلق في التصور اليهودي.

التقويم الفارسي وكيف اقتربوا بدقة من العام

هناك تقويمان للفرس: قديم وجديد

أما القديم فهو يبدأ يوم الثلاثاء 16 حزيران عام 632م، المصادف ل 22 ربيع الاول عام 11هجرية، وقد تم وضع هذا التقويم على يد يزدجرد آخر ملوكهم.
السنة في التقويم الفارسي القديم شمسية، كل شهر 30 يوم وتضاف الأيام الخمسة الباقية الى نهاية الشهر الثامن.

أما لتدارك الفرق في ربع اليوم كل عام فكانوا يضيفون في كل 120 سنة شهرا على السنة يسمونه شهرزاد، ليعوض السنة الكبيسة على مدار قرن.

أما التقويم الفارسي الجديد فهو التقويم السلطاني، وضعه الشاعر والفلكي عمر الخيام، أيام السلطان جلال الدين سلطان خراسان، لذا يسمى بالتقويم الجلالي أيضا، لكن الخيام لم يضع التقويم وحده بل اشترك معه سبعة من كبار العلماء وقتها.

السنة في التقويم الفارسي الجديد اثنا عشرة شهرا كل شهر 30 يوم، ثم تضاف خمسة أيام للسنة العادية وستة للسنة الكبيسة، طول هذه السنة يبلغ 365يوم و49دقيقة و5,45من الثانية وهذه دقة تسترعي الانتباه.

التقويم الروماني: ليس دقيقا كما يعتقد البعض

السنة الرومانية عشرة شهور فقط، يبدأ ببداية بناء روما عام 735ق.م، وقد اقتبس الرومان هذا التقويم من جيرانهم الألبان والسنة فيه عددها 304يوم.

تم تسمية الشهور الأولى بأسماء آلهتهم لكنها تبدأ من مارس اله الحرب وتقويم كهذا لا توجد السنة الكبيسة فيه، لتقسيماته المختلفة، لكن لابد أن نضع في الاعتبار أن التقويم الروماني طرأت عليه تعديلات كثيرة على يد العديد من الأباطرة وأشهرهم نوما الذى أضاف شهرا قبل مارس أسماه يناير، وشهرا بعد ديسمبر أسماه فبراير، وجعل عدد أيام الشهور 30و 29 بالتعاقب، كما أضاف شهرا طوله 22يوم او 23 يوم كل عامين.

ثم تطور التقويم الروماني لما سمي بالتقويم اليولياني الوثني وذلك عام 46ق.م، في زمن الإمبراطور يوليوس قيصر على يد رجل يدعى سوسيجينو وقد قام بالعديد من التعديلات على التقويم القديم أهمها، جعل السنه الكبيسة تساوي 366 يوم والسنة العادية أقل بيوم، كما تم جعل الشهور الفردية 31 يوم، والزوجية 30 يوم. ثم جعل شهر فبراير 29 يوم في السنة الكبيسة و28 يوم في السنة العادية.

التقويم العربي: الهجري امتداد منه

يعود التقويم العربي الى سنة 412م والأشهر بأسمائها ما زالت حتى الآن، وبما أن الجغرافيا تحكم على التقويم فالطبيعي ان يكون التقويم العربي تقويم قمري، لكن تم اتخاذ عدة حوادث لبداية التاريخ العربي كبناء الكعبة عام 1871ق.م وسيل العرم عام 120ق.م وعام الفيل عام 571ق.م.

ونظرا لاختلاف المسلمين في يوم ولادة الرسول علية الصلاة والسلام، لم يتم التأريخ بولادته بل بهجرته وذلك في زمن عمر بن الخطاب رضى الله عنه، لأن الصحابة المتواجدين وقتها قد عاصروا الهجرة.

يمتاز التقويم الهجري بالتوافق بشكل رائع مع التشريع الإسلامي، حيث تأتي على سبيل المثال فريضة الصيام في الفصول الأربعة وكذلك الحج.

هل هناك تقاويم أخرى تم اقتراحها؟

اقترح البعض إلغاء التقويم الميلادي بشكله القديم، وتطبيق تقويم جديد يبدأ بعام 2001 بدءا من أول يوم في السنة، وأن تكون الشهور13 شهر، كل شهر 28 يوم أما الثالث فيكون 29 يوم في السنة العادية و30 في السنة الكبيسة.

لماذا شهر فبراير؟

تم اختيار شهر فبراير ليضاف اليه اليوم المحتسب في السنة الكبيسة، لان التقويم في روما القديمة كان يبدأ في شهر مارس من كل عام، وذلك يعني ان اليوم الأخير في شهر فبراير هو اليوم الأخير في العام التقويمي.

جدير بالذكر أن شهر فبراير له العديد من الأسماء في العديد من الحضارات فهو فبريوس اله النقاء عند الرومانيين وهو شهر الشمس باللغة الانجلو سكسونية، كما يسمى شهر اللؤلؤ في اللغة الفنلندية، وشهر الكرمب كما اطلق علية شارل الاعظم.

مفارقات

هناك نظام يسمى "الثانية الزائدة" أخترع لمواءمة التوقيت الذري الدولي مع سرعة دوران كوكب الأرض التي قد تكون غير مستقرة في بعض الأحوال، يشير هذا النظام الى أن الثانية 61 قد تحدث خللا بأنظمة الكمبيوتر، بل قد تتسبب في انهيار بعض المواقع الالكترونية وكذلك البرامج التي تقوم عليها السوق المالية.

وقد حدث فعلا ان آخر ثانية كبيسة عام 2012م أدت الى أعطال في مواقع الكترونية أشهرها موقع "linkedin" بسبب استعماله نظاما اخترعه جوجل بعد الثانية الكبيسة عام 2005م مما جعل انظمة الموقع لا تقبل الأوامر.

لكن علينا أن نضع في الاعتبار أن السنة الكبيسة لا تعني شيئا في حساب الأرض نفسها فهي تسير بحركة دؤوبة حول الشمس وحول نفسها بعكس عقارب الساعة.

كيف تنظر الشعوب للسنة الكبيسة

كعادة اي حدث تظل الاعتقادات مختلفة من شعب لآخر بل هناك أحداث يبنى عليها العديد من الخرافات والسنة الكبيسة ليست بعيدة عن هذا الامر.

فهناك اعتقاد لدى الاسكتلنديون بان مواليد يوم 29 فبراير هم الأقل حظا كما انهم لا ينعمون بالسكون والهدوء، كما هناك من يقول انه لا يمكن لأي رجل أن يرفض حب سيدة في هذا اليوم-والسيدة تعشق طوال العام في الحقيقة-، كما انه يوجد اعتقاد بأن مواليد 29 فبراير هم الأكثر حظا.

ماذا يحدث لو لم تكن هناك سنة كبيسة؟

لو لم يكن التقويم اعتمد على وجودها، فان فارق معدل دوران الارض حول الشمس الذي يصل لربع يوم سيكون له تأثير كبير على مدار عدة اعوام، لعل أهمها تأخير الوقت ليوم كامل كل أربع سنوات كما سيكون هناك 25 يوم إضافي كل مائة عام، وهذا امر لا يستهان به.

في النهاية يظل العالم لم يكشف عن أسراره وربما تكون ليست سرا لكنها تستحق النظر وهو أن قوانين الكرة الأرضية دقيقة بشكل مذهل مما يضعنا نحن البشر، في تساؤل: هل نستطيع أن نكون بدقة أرقام الفلك أم أننا سنة كبيسة تأتي كل عام.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

اعلان