يُشارك أزيد من 200 شاب باحث في الفيزياء والرياضيات من مختلف الجامعات المغربية في "الأيام الوطنية للدكاترة والشباب الباحثين"، خلال الفترة الممتدة من 18 إلى 20 يوليوز بالمدرسة العليا لأساتذة التعليم التقني بالرباط، المنظمة من طرف أكاديمية الحسن الثاني للعلوم والتقنيات، وبتعاون مع جامعة محمد الخامس.
ويقدم الطلبة الدكاترة والباحثون المغاربة، خلال هذه الدورة، أزيد من 140 عرضا في مختلف وحدات ومجالات البحث، وتهم أساساً "فيزياء المواد"، "فيزياء الطاقة"، "فيزياء الطاقات العالية"، و"الفيزياء الرياضية"، بالإضافة إلى مناقشة آخر الاكتشافات العلمية في هذه المواد.
غير أن طموح الشباب الباحث في الأيام الوطنية يصطدم بأزمة البحث العلمي في المغرب بشكل عام؛ فمعروف أنه ومنذ سنوات تخصص الحكومات المتعاقبة 0.8 من الناتج الداخلي الخام، في حين يصل المتوسط العالمي إلى 2 بالمائة، وأكثر من 4 في المائة في الدول المتقدمة؛ وهو ما يفسر غياب المغرب ضمن التصنيف العالمي لأحسن 500 جامعة، حسب تقرير سابق لمؤسسة "شنغهاي" التي تهتم بالبحث العلمي.
في السياق ذاته، انتقد عمر الفاسي الفهري، أمير السر الدائم لأكاديمية الحسن الثاني للعلوم والتقنيات، واقع تمويل البحث العلمي ببلادنا، مقرا في تصريحات خاصة لهسبريس بهزالته، إذ لا يتعدى في أحسن الحالات 0.8 من الناتج الداخلي الخام، وهو ما يضع واقع البحث العلمي في المغرب في المرتبة الـ60 من أصل 140 دولة، حسب الأكاديمي المغربي.
وأوضح عمر الفاسي الفهري أن أزمة البحث العلمي تعود بالأساس إلى ضعف الميزانية المخصصة، مشيرا إلى أن المغرب لا يخصص ميزانية لجلب باحثين وخبراء أجانب متخصصين في المجالات العلمية الحيوية، و"هو الأمر نفسه الذي يقع حتى مع الباحثين المغاربة الذين يتخرجون من جامعاتنا، إذ يفضلون العمل في القطاعات العمومية أو المؤسسات الخاصة، نظرا لغياب منح تستجيب لمتطلبات العصر"، لافتا إلى أن "الباحث المغربي الحاصل على الماستر أو الدكتوراه يفضل العمل بثمانية آلاف درهم في الشهر على الاستمرار في البحث العلمي بمنح هزيلة".
وعلى مستوى الإنتاجات العلمية، قال أمير السر الدائم لأكاديمية الحسن الثاني للعلوم والتقنيات إن المغرب ينشر في المجلات العلمية العالمية المعترف بها دوليا من لدن الخبراء حوالي 2500 مقالة سنويا، وليست جميعها ذات مستوى جيد، وترقى إلى الإنتاج العلمي الذي نشر مؤخرا في مجلة "نايتشر" حول اكتشاف أقدم آثار للإنسان في المغرب.
من جهته، يرى محسن بوزيدي، وهو مشارك في الأيام الوطنية وباحث في الفيزياء الرياضية بكلية العلوم بالرباط، أن مثل هذه التظاهرات العلمية مهمة لتشجيع الشباب الباحث من مختلف الجامعات المغربيةّ على تبادل الأفكار والعروض، والوقوف على واقع ومعاناة البحث العلمي لدى كل طالب على حدة.
وقال محسن البوزيدي، الذي حصل قبل شهور على شهادة الدكتوراه في "فيزياء الجزيئات"، في تصريح لهسبريس، إن "مجال البحث العلمي في المغرب يعاني من النظرية وغياب الممارسة والتطبيق؛ ناهيك عن غياب الإمكانيات المادية"، وزاد موضحا: "المنح الجامعية التي يستفيد منها الطلبة الدكاترة تصل إلى ألف درهم شهرياً، وهذا المبلغ لا يكفي حتى لشراء الكتب أو حضور الملتقيات العلمية داخل المغرب وخارجه، خصوصا أن هناك بعض الجامعات التي تفرض مساهمة مالية تصل إلى 4 آلاف درهم قصد المشاركة".
وكشف محسن البوزيدي واقعا مريرا يعاني منه الباحثون، وزاد: "بينما الوزارة الوصية غائبة تماماً وتتركنا نغرق وحدنا دون تقديم أي مساعدات"، مبرزا أنه من غير المنح الجامعية يتوفر المغرب فقط على منحة واحدة، يمنحها المركز الوطني للبحث العلمي بالرباط، تصل قيمتها إلى 3 آلاف درهم شهريا، ولكن يستفيد منها 300 طالب باحث فقط.
وأمام هذا الوضع، قال المتحدث ذاته إن الدكاترة والشباب الباحث يجدون أنفسهم مضطرين إلى العمل في التدريس الخاص مثلاً أو قطاعات مختلفة، ولكن ذلك يؤثر سلبا على مردوديتهم العلمية؛ "لأنه بدون تفرغ وإمكانيات لا يمكننا أن نتحدث عن بحث علمي حقيقي"، حسب تعبيره.
يشار إلى أن المغرب لا يتوفر على أرقام محينة بخصوص البحث العلمي في المغرب، إذ كشف مصدر أكاديمي وازن حضر اللقاء أن آخر الأرقام المتوفرة في هذا المجال تعود إلى دراسة سابقة قامت بها أكاديمية الحسن الثاني للعلوم والتقنيات سنة 2012، واعتمدت على بيانات ومعطيات سنة 2010.
هسبريس - عبد الرحيم العسري
الأربعاء 19 يوليوز 2017 - 12:30
ويقدم الطلبة الدكاترة والباحثون المغاربة، خلال هذه الدورة، أزيد من 140 عرضا في مختلف وحدات ومجالات البحث، وتهم أساساً "فيزياء المواد"، "فيزياء الطاقة"، "فيزياء الطاقات العالية"، و"الفيزياء الرياضية"، بالإضافة إلى مناقشة آخر الاكتشافات العلمية في هذه المواد.
غير أن طموح الشباب الباحث في الأيام الوطنية يصطدم بأزمة البحث العلمي في المغرب بشكل عام؛ فمعروف أنه ومنذ سنوات تخصص الحكومات المتعاقبة 0.8 من الناتج الداخلي الخام، في حين يصل المتوسط العالمي إلى 2 بالمائة، وأكثر من 4 في المائة في الدول المتقدمة؛ وهو ما يفسر غياب المغرب ضمن التصنيف العالمي لأحسن 500 جامعة، حسب تقرير سابق لمؤسسة "شنغهاي" التي تهتم بالبحث العلمي.
في السياق ذاته، انتقد عمر الفاسي الفهري، أمير السر الدائم لأكاديمية الحسن الثاني للعلوم والتقنيات، واقع تمويل البحث العلمي ببلادنا، مقرا في تصريحات خاصة لهسبريس بهزالته، إذ لا يتعدى في أحسن الحالات 0.8 من الناتج الداخلي الخام، وهو ما يضع واقع البحث العلمي في المغرب في المرتبة الـ60 من أصل 140 دولة، حسب الأكاديمي المغربي.
وأوضح عمر الفاسي الفهري أن أزمة البحث العلمي تعود بالأساس إلى ضعف الميزانية المخصصة، مشيرا إلى أن المغرب لا يخصص ميزانية لجلب باحثين وخبراء أجانب متخصصين في المجالات العلمية الحيوية، و"هو الأمر نفسه الذي يقع حتى مع الباحثين المغاربة الذين يتخرجون من جامعاتنا، إذ يفضلون العمل في القطاعات العمومية أو المؤسسات الخاصة، نظرا لغياب منح تستجيب لمتطلبات العصر"، لافتا إلى أن "الباحث المغربي الحاصل على الماستر أو الدكتوراه يفضل العمل بثمانية آلاف درهم في الشهر على الاستمرار في البحث العلمي بمنح هزيلة".
وعلى مستوى الإنتاجات العلمية، قال أمير السر الدائم لأكاديمية الحسن الثاني للعلوم والتقنيات إن المغرب ينشر في المجلات العلمية العالمية المعترف بها دوليا من لدن الخبراء حوالي 2500 مقالة سنويا، وليست جميعها ذات مستوى جيد، وترقى إلى الإنتاج العلمي الذي نشر مؤخرا في مجلة "نايتشر" حول اكتشاف أقدم آثار للإنسان في المغرب.
من جهته، يرى محسن بوزيدي، وهو مشارك في الأيام الوطنية وباحث في الفيزياء الرياضية بكلية العلوم بالرباط، أن مثل هذه التظاهرات العلمية مهمة لتشجيع الشباب الباحث من مختلف الجامعات المغربيةّ على تبادل الأفكار والعروض، والوقوف على واقع ومعاناة البحث العلمي لدى كل طالب على حدة.
وقال محسن البوزيدي، الذي حصل قبل شهور على شهادة الدكتوراه في "فيزياء الجزيئات"، في تصريح لهسبريس، إن "مجال البحث العلمي في المغرب يعاني من النظرية وغياب الممارسة والتطبيق؛ ناهيك عن غياب الإمكانيات المادية"، وزاد موضحا: "المنح الجامعية التي يستفيد منها الطلبة الدكاترة تصل إلى ألف درهم شهرياً، وهذا المبلغ لا يكفي حتى لشراء الكتب أو حضور الملتقيات العلمية داخل المغرب وخارجه، خصوصا أن هناك بعض الجامعات التي تفرض مساهمة مالية تصل إلى 4 آلاف درهم قصد المشاركة".
وكشف محسن البوزيدي واقعا مريرا يعاني منه الباحثون، وزاد: "بينما الوزارة الوصية غائبة تماماً وتتركنا نغرق وحدنا دون تقديم أي مساعدات"، مبرزا أنه من غير المنح الجامعية يتوفر المغرب فقط على منحة واحدة، يمنحها المركز الوطني للبحث العلمي بالرباط، تصل قيمتها إلى 3 آلاف درهم شهريا، ولكن يستفيد منها 300 طالب باحث فقط.
وأمام هذا الوضع، قال المتحدث ذاته إن الدكاترة والشباب الباحث يجدون أنفسهم مضطرين إلى العمل في التدريس الخاص مثلاً أو قطاعات مختلفة، ولكن ذلك يؤثر سلبا على مردوديتهم العلمية؛ "لأنه بدون تفرغ وإمكانيات لا يمكننا أن نتحدث عن بحث علمي حقيقي"، حسب تعبيره.
يشار إلى أن المغرب لا يتوفر على أرقام محينة بخصوص البحث العلمي في المغرب، إذ كشف مصدر أكاديمي وازن حضر اللقاء أن آخر الأرقام المتوفرة في هذا المجال تعود إلى دراسة سابقة قامت بها أكاديمية الحسن الثاني للعلوم والتقنيات سنة 2012، واعتمدت على بيانات ومعطيات سنة 2010.
هسبريس - عبد الرحيم العسري
الأربعاء 19 يوليوز 2017 - 12:30
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق