ملاك الرحمة القاتل - كيمياء المعرفة

اخر الأخبار

اعلان

اعلان

11/23/2014

ملاك الرحمة القاتل


ملاك الرحمة القاتل

لا تتخيل نفسك أبداً ممداً في غرف إحدى المستشفيات وليس إلى جوارك رفيق تعرفه ويعرف هو بدوره عن العقاقير وأخلاق الممرضات .. لا تتخيل نفسك أبداً في هذا الوضع فإنه مرعب ويثير الفزع الحقيقى في الكيان جملةً وتفصيلاً ..


بينما كانت وكالة الإستخبارات المركزية الأمريكية مشغولة وتعمل على قدمٍ وساق من أجل التوصل لأداةٍ سحرية عملية لها القدرة على التحكم المطلق والسيطرة الكاملة على عقول الناس وتوجيههم وإعادة برمجة رغباتهم حسب هواها كانت هناك عقولاً طليقة بطبعها لم يتم السيطرة عليها بعد أو لعلها كانت جزءاً من مشاريع السيطرة على العقول وتجارب واختبارات التحكم ومدى فاعلية الآليات الموجودة بالفعل والأدوات التي يمكن التوصل لها بناءً على ما كانت تتجهّز له وتُحْضِرُ له كافة عقول الأرض من الفيزيائيين للكيميائيين لعلماء النفس والسحرة أيضاً ..

في العام 1963 أفصح عالم النفس الإجتماعي ستانلي ملغرام عن أن طلبة جامعلة ييل يبدون استعداداً كبيراً ومتحمّساً لخوض تجارب تصل إلى حد الصدمات العنيفة والتحكم بهم بأقصى شكلٍ ممكن ليحصلوا على ميزة خوض تجربة فريدة كهذه ولكن إذا طلب منه ذلك أو أعطى السلطة للقيام بالأمر بشكلٍ رسمى ..

ولكن الطبيب النفسي تشارلز ك هوفلينج Charles K. Hofling أراد شيئاً آخر مختلفاً .. أراد الحصول على النتائج بأقصى درجة من الطبيعية هو لا يريد نتائج من تجارب تجرى على متطوعين هو يريد النتائج الخام التى تجرى على أشخاصٍ لا يعرفون أنهم يخضعون حقيقةً للإختبار والتجريب هذه كانت عنده أصدق بكثيرٍ من تلك .. 

في كتابٍ له بعنوان " سذاجة " نشر عنه في العام 1966 قدم هوفلينج لورقة خطرة في علم النفس وتجربة هائلة القبح .. راح طبيبنا يصف تحت عنوان " دراسة تجريبية وعلاقات الأطباء بالممرضات " بروتوكول جديد للتجارب تقشعر له أبدان الذين يظنون الرحمة والملائكية في قلوب الممرضات ..

أخذ هوفلينج يتكلم عن طبيب معروف بدأ يدير عملية الإشراف على مواعيد تواجد الممرضات مع المرضى وبدأ يوزع عليهم الليالى ويحدد لهن الأدوار الجديدة للتمريض حيث طلب من كل واحدة منهن أن تحقن كل مريض بالجرعة القصوى من عقارٍ قال لهن أنه مخدرٍ ولكنهن لم يكن يعرفن شيئاً عن هذا العقار ..

أصبحن جميعاً في موضع الرفد أو القيام بحقن المرضى .. كان الطب وقتها في عمر التكوين وكانت الممرضات لا يدرين الكثير عن المعلومات وأهميتها وكانت الحوادث قليلة والحذر بالتالي نادر الحدوث ..

من المخيف والمؤسف أن 21 ممرضة من أصل 22 قد امتثلن لأوامره وخضعن خضوع الفريسة بين فكّى الوحش تماماً ومن الغريب أن الطبيب لم يكن معروفاً لديهن وكان مجرد وهماً وليس إلا ممثلٌ حقيقى لجريمة حقيقية وتجربة فريدة من نوعها لكن الشر وحده من وراء مثل هذه التجارب ..

الممرضات كن يعرفن أنهن يحقن مرضاهم المستسلمين بين أياديهن بجرعات زائدة من المخدر وقد انتهكوا بذلك كل قوانين المستشفى بأخذ أوامر الحقن عبر الهاتف أيضاً وإعطاء المرضى بدواءٍ غير معروف ولم تتم الموافقة عليه من أى جهةٍ رسمية ..

هذه التجربة أظهرت مدى ما يمكن أن تحققه السلطة من الأمور أياً كانت هذه الأمور خيّرة أم شريرة .. إن السلطة سحابة محكمة فوق أخلاق الناس وتحتها يمكن أن ينقلب البرىء لمجرمٍ لا مثيل له .. 

هذه كانت تجربة على المرضى والممرضات في آنٍ واحدٍ بهدف الحصول على نتيجة جازمة عن مدى ما للسلطة من توغّل في نفوس الناس .
___

محمد سليمان مرشد 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

اعلان