سلام الله عليكم
فى بلاد الحجاز ..
تصرف عجيب من جمل حزين
رويت لى شخصياً هذه القصة من رجلٍ كبير من كبار القبائل العريقة فقال : وهو ينصح من يربى الجمال أن يحسنوا معاملتهم منذ ولادتهم لأنهم من الحيوانات التى تتمتع بذاكرة قوية ولا تنسى من يسيىء معاملتها ومن يحسن تربيتها بمعاملة حسنة ..
فقال الشيخ الراوى " وأعتقد أنه صاحب القصة " :
كان من قبيلة كبيرة ومعروفة له من الإبل نصيب وافر وفى يوم كان يرعى الإبل فى مرعاها فوجد جمل بطيىء السير وكلما أحثه على السير بسرعة أبطأ الجمل إلى أن توقف تماماً عن المشى وصاحبه لا يدرى ما الذى أصابه فأخذ يحاول بكل الطرق أن يجعله يتابع السير مع القطيع إلا أنه فشل تماماً فى إقناع الجمل فأخذ يوسعه ضرباً شديداً إلى أن قام الجمل وتابع السير مع القطيع ..
وبعد أيام رقد الجمل فى حالة غريبة يرفض الطعام والشراب والقيام من مكانه أياماً وأياماً .
فاحتار صاحبه فى أمره فقال أمام أبنائه :
إن لم يتحسن هذا الجمل لأذبحنه بعد أسبوع في يوم كذا وفي ساعة كذا .. وسمع الجمل " وأعتقد كما نسمع أن الجمل يفهم صاحبه بكل إشاراته " ..
وكل يوم يحاول الرجل الشيخ مع الجمل شتى المحاولات لأن ينهض حتى من مكانه وكان بمساعدة أبنائه والكل يفشل ..
وبعد أسبوع وفى اليوم الذى تقرر فيه ذبحه قام الجمل وأخذ يجري ويسرع في الجرى حتى تخطى قرى بل مدن كبيراً جرياً سريعاً وكان يلحقه الشيخ صاحبه وأبنائه إلى أن وصل مكة المكرمة وكان تبعد المسافة بين بلد الرجل عن مكة المكرمة مسافات بعيدة يُقطع خلالها بلداناً كبيرة ..
وكانت بداية النهاية عندما دخل الجمل المسجد الحرام بين المصلين والطائفين وأثار الفزع ليس بين الناس لكن بين رجال الأمن ومشايخ الحرم .. ماذا يفعلون بجمل ضال هائج دخل الحرم ؟!
العجيب أن رجال الأمن المشايخ وعمال الحرم لم يستطيعوا فعل أى شىء حتى جائهم رجل من المصلين فى الحرم وقال لهم :
إتصلوا بالمفتى " مفتى بلاد الحرمين " واسألوه ماذا نفعل حيال الجمل الضال الهائج حتى لا يؤذى أحداً من الناس ..
فاتصلوا بالفعل بالمفتى وأبلغوه الحكاية من أولها وطلب المفتى سماع القصة من صاحب الجمل .
وكان رد المفتى أعجب :
إتركوا الجمل وشأنه ولا تؤذوه ولا تطلقوا عليه النار أو حقن المخدر ولا حتى تفزعوه .. أتركوه وكفى ما هو فيه ..
هذا كان رد المفتى ..
وحاول الجميع مراجعة المفتى فى فتواه إلا أنه لم يتراجع أبداً عن فتواه ..
وبالفعل ترك رجال الأمن المسلحين والعمال بالحرم المكى الشريف الجمل كما أمرهم المفتى ..
وفجأة ..
وجدوا الجمل يطوف مثلما يطوف الناس ولكن من بعيد حتى لا يفزعهم .
فى الطواف الأول مر بسلام وفي الطواف الثانى أيضاً .
أما الطواف الثالث " والكل يراقب المشهد " :
وجدوه عند الركن اليمانى يبرك بهدوء ويلفظ أنفاسه الأخيرة دون أن يأذى أحداً من الموجودين جميعاً فى الحرم ..
واتصلوا بالمفتى وحكوا له ما حصل ليفسر لهم هذا الموقف العجيب .
فقال لهم :
إن الجمل كان حزيناً ولم ينسى إساءة صاحبه له عندما كان عطشاناً فى مرة من مرات الرعى فلم يتحمل الجمل السير، وضربه صاحبه ضرباً مبرحاً .
ولكن بعد هذا الموقف رجع صاحب الجمل إلى معاملته الطيبة لكن الجمل لم ينسى الإساءة أبداً .
ومات كمداً من الحزن بعد أن اشتكى إلى الله فى بيته الحرام .
لكن إرادة الله عز وجل أن يسمح للجمل بموتٍ في بيته الحرام
تكريماً له وإرضاءً لحزنه حتى يكون عبرة ..
تمت
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق