قنوات وثائقية أم محلات جزارة - كيمياء المعرفة

اخر الأخبار

اعلان

اعلان

7/22/2014

قنوات وثائقية أم محلات جزارة

عالم الحيوان

وأنا أسترجع ذاكرتي أو بالأحرى أنقّب فيها عن آثار قديمة لمشاهدتي للتلفاز وأفتش عن مشهدٍ نادرٍ عن حياة الحيوان تصدمني حقيقة مروعة وهى أننا كنا مع كل فيلم يكون موضوعه عالم الحيوان مجرد نفس الزائر لنفس السلخانة أو نفس محل الجزارة .. لا توجد مشاهد كثيرة أو هى كثيرة ولكنها واحدة في أصلها ومعناها .. الأسد يطارد الفريسة ، الفريسة تقع بين فكيه ، ووقت طويل يتلذذ فيه الأسد بتمزيق فريسته .. وينسحب هذا المشهد على سائر الحيوانات المفترسة .. حتى في هذه الأيام والتي من المفترض أن وسائل الحصول على فيديوهات أكثر شمولاً وإحاطة بحياة الحيوان من مواقع الإنترنت أو الباقات الخاصة .. ما زالت نفس التيمة البائسة وحدها هى التي تحتل المساحة الأكبر في قنوات تسمي نفسها متخصصة والحقيقة أنها أفقر ما تكون وابعد ما تكون عن التخصص والتوثيق أو أنها موجهة وبشدة الخبث والمراد خلق تصور وحشى في عقولنا نحن كعرب تماماً كما يُفعل بأفلام الرعب التي هى محض تمزيق أشلاء وجالونات دماء ليس إلا ولا تنتمي لعالم الرعب وأدب الرعب من أى جهة .. ماذا يفيدني كإنسان في المقام الأول على مستواى الروحي من مشاهد الدماء الصادرة عن الحيوان أو الإنسان من سينما الغابة أو من سينما الإنسان ؟! وما المنتظر منى وما المتوقع مني كإنسان تربت عينيه على آلاف المشاهد الدموية .. في الحقيقة - والحقيقة أوضح من أن تقال - أن القليل القليل ما يمكن احترامه على شاشات التلفاز ذلك المكون الثقافي والتربوى والذي يحتل جزءاً كبيراً من عقول الملايين من العرب منذ أن كانوا لا يزالون في بطون أمهاتهم يتأثرون بذبذبات الحالة الأسرية المتلفزة .. ما جعلنا نحن كمستخدمين الإنترنت - أغلبنا - مجرد أداة لتمرير ما تم غرسه في عقولنا واستهوته نفوسنا منذ الصغر وخلق امتداد آخر وبعد أكثر خطورة لترهاتٍ وسخافاتٍ كثيرة وإعطائها مساحة أكبر من حيز الوجود سواءً كنا مرسلين لهذ المواد وناشرين لها أو مستقبلين معيدين لعملية النشر .. نعود لحياة الحيوان والعرب مسلمون وفي أيديهم كتابٌ أعني القرآن يأمرهم بالنظر عميقاً في أمم الحيوانات التي هى أمثالنا لنشهد فيها ما ينفعنا في حالتنا الروحية تجاه ربنا الذي أبدع كل شىءٍ وما يعيننا على الدنيا ورحلتنا وكدحنا فيها .. أين هذه القنوات من حياة الحيوان الإجتماعية أو السلوكية أو اللغوية أو السياسية فيما يخص السياساتالمختلفة للقطعان والأسراب أو التربوية أو الفكاهية أو حياة الحيوان في المخاطر وفي التزاوج وفي الترحال وفي المواسم والفصول المتعاقبة وحياته الغذائية وغير ذلك الكثير أين وألف ألف أين ؟! أم أنه يراد لعقولنا ألا تعرف شيئاً عن الحيوان إلا دمويته وأن لا تنظر أعيننا لأبعد من أنيابه ؟! نحتاج أن نأخذ الحذر من تكرار الخطأ كما نحتاج أن نجتهد ما دمنا نحب النظر في عوالم الحيوانات والمخلوقات كافة ونبحث عما هو أرقى من ملازمة مشاهد واحدة معدودة حشت رؤوسنا انغلاقاً كأننا غزالة أخرى سحبها التمساح للقاع محشورة رأسها بين فكيه .. علينا أن نخرج من بين فكَّىِ المشهد الواحد القاتل فصفة الكون الأشهر الحركة والتغير والتنوع حتى لا تتجمد تأملاتنا عند حدود والحقيقة أن التأمل لا يؤمن بالحدود .

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

اعلان